انها ليلة الخامس عشر من الشهر الهجري.. اليوم هو موعدي الخاص… اليوم هو لقائي معه وهو بكامل عطائه.. اليوم لقائي معه وهو بأبهج صوره..
الساعه التاسعه الآن وأمامي الكثير من الوقت… ولكنه من الأفضل ألا اضيع وقتي كثيرا فهو مرة بالشهر يكون بكامل حلته.. اذن فالأسرع بوضع بعض العطر وتسريح شعري وأنطلق بالسيارة…
أقود السيارة ولا أدري هذه المرة الى أين أتجه.. لا أعلم متى ستقف عجلات السيارة عن الدوران.. فأنا غارق في بحر التفكير.. لأأدري ماذا أقول له.. هل أشكي له حالي؟ أم انزعاجي لغيابه عني؟ أم ضيق الدنيا بي؟؟
في النهاية وصلت الى مكان لا أدري أي هو.. ولكنه بالتأكيد هو الأنسب .. حيث الهدوء والسكون وبعيد عن أعين الناس… بعيد عن عيون هؤلاء الشرهة الماديون , الغدارون الخونة, المنافقون الحاسدون…
اه تذكرت.. يجب أن أغلق الخلوي الخاص بي .. فكما لا يحب الرجل أن يعكر أحد صفوه مع معشوقته, فأنا كذلك لا أحب أن يعكر أحد صفو هذه اللحظات ….
نزلت من السيارة لألتفت حولي .. انه مكان مرتفع معتم وبعيد .. ترى على يمينك مدينة عمان مضاءة مكشوفة كلها على بعد كيلومترات.. أما يسارك فلا ترى أحد.. هدوء يخيم على المكان مع لسعة من البرودة لا حس لها مقارنة مع النار التي تلتهب بقلبي…. اذن وصلت للمكان المطلوب الأنسب.
رفعت بصري لأبحث عنه.. السماء صافية وها هوينتظرني… نعم هاهو يرحب بي.. نفس الترحيب الحار الذي يستقبلني به منذ خمسة سنوات.. ونفس الابتسامة التي يستقبلني بها … رددت عليه السلام .. وبدأت دموعي بالانسكاب.
نعم أيها القمر .. أيها الصاحب.. وأيها الحبيب.. صديق العمر .. ورفيق الدرب .. وشاهد على عصري.. هذا العصر الذي كتب أسمى معاني الحياة على ورقة وداس عليها… هذا العصر الذي لم يبقى من ذكراه الجميلة الا أنت.. وأخشى أنا أيضا أن يداس على قلبي بعدما عصر وطعن مرات ومرات.
ولكن الذي يطمئني أنهم لن يستطيعوا أن يفعلوا شيء حيالك, وان وصلوا العلماء قبل ثلاثين عام تقريبا اليك, فهم لم ولن يستطيعوا أن يغيروك… لأنك ببساطة قمري أنا .. قمري لي وحدي أنا وليس لأحد غيري… وان ادعوا انك للجميع فانهم لم يعطوك ما أعطيتك ولم يأخذوا ما أخذوا منك.
يا قمري…
لماذا اسلم للبحر امري وامنح للريح ايام عمري .. ؟
وهل في البحار سوى العاصفات تروح بلؤم وتغدو بغدر
وكيف اصادق في الصبح مدا وفي الليل امنح ودي لجزر
تعبت .. تعبت من البحر لكن قلبي يصر على البعد عن بؤس بر لماذا ..
بهذه الكلمات بدأت حديثي معه.. فبالرغم من أنه يعلم ما أصابني من حال الا أنني أعدت له كل ما حدث معي… ولأن حديث العشاق سر بين العاشقين فلا يمكنني البوح بما أخبرته بالتفصيل….
وبالرغم من طول الليل.. الا أنني لم أشعر بالوقت.. لقد قضينا سهرتنا بالدموع .. أنا أشكي وابكي على حالي وهو مستمع حزين علي وعلى ما وصلت اليه, وما آلت به ظروف الحياة ومصاعبها , وما أصاب الناس من عماء قلوب قبل العيون , وما حل بالنفوس من قسوة الخواطر…
انها الثانية عشر…. عن اذنك ياقمري… لقد نام الناس وأعتقد أنه من الأفضل أن نغير مكاننا… نعم فليكن لقاؤنا بعد نصف ساعة من الان عند المكان الذي أحب أن أكون فيه في كل زمان, عند تلك الناحية التي سأصعد من عندها يوم من الأيام اليك وبيدي شعلة من نورك…
وصلت لذاك المكان.. حيثما تجدني هناك عندما أكون غائبا عن أنظار الناس.. بين البيوت أسير وكل على سريره.. أمر على كل من ظلمني.. ومن غيرهم أولائك الظالمون الذين سيـٌروني على جمر الليالي وشوك الأماني.. نظرت للسماء فلم أجد قمري.. أين هو؟؟ هل تركني كما تركني الناس من قبل؟؟ ألن يظهر من جديد ليسمعني؟؟؟
انه خلف الغيمة السوداء التي تحاول أن تمنعه عني.. كما منعت من كل عمري وحياتي .. كمامنعت من ماضي الجميل .. ومستقبلي المشرق…. وان نجحت كل المحاولات السابقة فها هو قمري وحبي الحقيقي يظهر من بين الغيوم ليطل من جديد معتذرا عن التأخير…
ما أجملك يا قمري.. فأنت مختلف عن كل أقمار الأرض الذين كنت أظنهم أقمار ولكن ما ان بانت حقيقتهم فانه من الظلم تشبيههم بك.. فعلى الأقل أنت تقدر وتشكر وتعتذر أما هؤلاء فكل حسب ما يميل مزاجه .
وتمر سويعات الشكوى والألم والبث والحزن… فزفافي اليوم بلقيا قمري أصبح مأتم لأمري… ويبدو أن لحظة الدفن حانت عندما حان وقت الرحيل وعندها يتساقط الماء علي .. ظننته المطر.. لكنها دموع القمر.. نعم … أولئك رخصوا دمعي وهاهو قمري يبكي على صفقة بيعي….
هل أرحل عنك وقصتنا أحلى من عودة نيسان
ياحبي الأوحد لا تبكي … فدموعك تحفر وجداني…
وأنطلق بالسيارة مسرعا وكلي نفس أن أرى قمري مرة أخرى بعد خسوف وأفول من ظننت أنه قمر.
بحثت عن معانى
ردحذفلاصف جمال ما خطة قلمك الرائع
فلم اجد
توقف حبـــــر القلم
وتبعثرت الكلمات امام روعة
احاسيسك