
** نهى سلامة - منقول من اسلام اون لاين
هل تعلم أن هناك ملايين في هذا العالم يعيشون في شقاء وتعاسة بسبب خوفهم المميت من الذهاب إلى المرحاض؟ وأن الابتسامات الساخرة الموجهة إليهم هي السبب الرئيسي الذي جعل هذا المرض يقبع في الخفاء؟… إنهم المصابون بفوبيا المراحيض.
في إنجلترا وحدها يعاني ما يقرب من 4 ملايين على الأقل من هذا الاضطراب المرضي، والعدد الحقيقي لم يعرف بعد؛ لأن الكثير من أصحاب هذا المرض يرفضون أن يفصحوا عنه حتى للأهل والمقربين.
هؤلاء تمتلكهم هواجس واسعة إذا ما تركوا منازلهم، ويرفضون الوظائف إذا كان بها مراحيض لعامة الموظفين، ولا يستطيع من يعمل منهم أن يكون موظفا متميزًا؛ وذلك لكثرة غيابه وتعللاته الزائفة، أضف إلى هذا امتناعهم عن الخروج مع الأصدقاء لغداء أو عشاء أو حتى رياضة ورفضهم السفر بالطائرة.
وبعضهم تمتلكه حالة هستيرية إذا طلب منه عينة من بوله أو برازه لأسباب طبية، ولا يحدث ذلك مع المراحيض العامة فحسب، بل يحدث أيضا في بيوت أصدقائهم أو حتى مع مراحيضهم الشخصية إذا شاركهم فيها أحد.
حملات رادعة
لا شك أن درجة المرض تختلف من شخص لآخر، حيث تتراوح ما بين الكراهية الحقيقية لكل ما هو "مرحاض" إلى الذعر الذي ينتابه حتى من لافتة تشير إلى مكان المراحيض.
لذلك قررت جمعية "فوبيا المراحيض" بإنجلترا في 11 نوفمبر 2006 أن تقوم بحملة واسعة للتوعية بالآثار السلبية لهذا المرض الزاحف الذي يضطر أصحابه أحيانا إلى الامتناع عن الشرب لفترات طويلة أو إلى تناول الأدوية لمنع حدوث الكارثة، ألا وهي الرغبة في الذهاب إلى الحمام؛ وهو ما يعرضهم إلى أمراض الكلى والمثانة بل والجفاف.
وفي مؤتمر جمعية الطب النفسي البريطانية، والذي أقيم في أستراليا بمنتصف شهر نوفمبر 2006، صدر تقرير يوضح أنه بالرغم من أن نصف العدد الحقيقي من المصابين بفوبيا المراحيض في البلاد الأوروبية والأمريكية تقريبا بدأ يطلب المساعدة، فإن بعضهم انتظر ما يقرب من 30 عاما للإفصاح عن إصابته بالفوبيا.
طبيا.. هناك عدة حالات يعتقد أنها وراء فوبيا المراحيض منها:
- "الاضطراب الاستحواذي" (DCD) والمرتبط بالخوف من التلوث.
- "رهاب الخلاء" Agoraphobia وهو نوع من الاضطراب النفسي الشديد من الخروج للخلاء.
- اضطراب المثانة المسمى بـSHY – BLADDER SYNDORME والمرتبط بالخوف من التبول في مرحاض يستخدمه آخرون، وأحيانا يتطور إلى الشعور بالذنب والإحراج عند التبول.
- اضطراب "الخوف من التبرز" Parcopresis والذي يعاني صاحبه من عدم القدرة على التبرز في المراحيض العامة.
ويخضع هؤلاء إلى عدة طرق للعلاج، منها علاج "مواجهة السلوك" والذي يساعد الناس على كسر التفكير الخاطئ في هذا الموضوع، وأيضا من خلال العلاج بالتنويم المغناطيسي.
3 سنوات في المرحاض
ولكن.. كيف وصل الحال بهؤلاء إلى هذه الدرجة؟ قد يكون في الأمر مبالغة، ولكن الأكيد أننا في حاجة إلى وقفة مطولة للنظر إلى المراحيض، ويكفيك أن تعلم أن متوسط الذهاب إلى المرحاض يوميا هو من 6 – 8 مرات، أو ما يعادل 3 سنوات من العمر.
إن 75% من مراحيض العالم مصممة بطريقة غير صحيحة، وتحدد اليونيسيف في تقريرها السنوي أن هناك بليون شخص يعيشون بدون ماء آمن، كما أن واحدا من ثلاثة ليس لديه مرحاض.
والأمر الأدهى الذي يقف وراء هذه الضجة أن هناك العديد من الأمراض المعدية تدخل فيها المراحيض كعنصر من عناصر حمل الميكروب، هذه الأمراض تحصد الملايين من الأرواح سنويا خاصة في البلاد الفقيرة، ومنها التهاب الكبد الوبائي A)) الذي يصيب 1.4 مليون شخص سنويا، والتهاب الكبد الوبائي ((Bالذي يصيب حوالي بليوني شخص، 350 مليونًا منهم يصابون به بشكل دائم، هذا فضلا عن التيفود الذي يحصد حياة 600.000 شخص سنويا.
ولا ننسى أيضا بكتريا الشيجيلا والتي تودي بحياة 600.00 شخص سنويا، وبكتريا القولون E.COLIوالبلاستوسيتس BLASTOCYSTIS وغيرها.
مرحاض سعيد.. حياة سعيدة
كان هذا هو شعار اليوم العالمي للمراحيض والذي أقيم هذا العام في بانكوك بتايلاند في شهر نوفمبر؛ ذلك أن 70% من مراحيض تايلاند دون المستوى المطلوب، وقد حدد هذا اليوم من قبل "المنظمة العالمية للمراحيض" والتي أنشئت في سنغافورة عام 2001 وضمت ما يقرب من 17 منظمة حول العالم من روسيا وأمريكا مرورًا بأستراليا واليابان، وتهدف إلى تحسين وضع المراحيض عالميا والتوعية بالعادات والسلوكيات الصحية السليمة.
قدم في هذا المؤتمر ما يقرب من 25 بحثًا خلال يومين، وشارك فيه ما يقرب من 450 مشاركا مفوضين من 50 منظمة من المنظمات الحكومية وغير الحكومية قادمة من أمريكا، وإنجلترا، والنرويج، وأستراليا، وألمانيا، والهند، وهونج كونج، وإندونيسيا، والصين، وتايلاند، وسنغافورة، وجنوب إفريقيا، وماليزيا، وبنجلاديش.
وتدور الأبحاث حول 3 محاور أساسيه: الصحة، والأمان، وسهولة الوصول إليهما؟ وذلك من خلال عرض لكثير من التحديات والحلول الممكنة لتقليل نسبة المجتمعات التي لا تحصل على توعية صحية كافية في هذا الأمر.
والجدير بالذكر أن هناك أيضا كلية دولية للمراحيض افتتحت عام 2005 من قبل المنظمة؛ وذلك للاهتمام بالتصميم والنظافة والصيانة الخاصة بالمراحيض، وهي تقدم برامج تدريبية مفصلة عن التصميمات والصحة البيئية وجميع ما يخص المراحيض.
للبلاد النامية نصيب الأسد
هذا ما نشعر به الآن.. وهو أننا في مشكلة حقيقية يموت من جرائها الكثيرون في بلاد تفتقد حتى إلى الإحصائيات والأبحاث اللازمة، يجري فيها المواطن وراء لقمة عيشه ولا يعطي اهتمامه لشيء آخر.
تقول الباحثة الماليزية "جيتا شنت" بعد دراسات مطولة في الشارع الماليزي -نقلاً عن مجلة ستار الماليزية: إن كثيرًا من العادات والسلوكيات غير الصحيحة ستتفاقم إذا لم يطبق الناس تعاليم الاسلام، والذي يحض على النظافة خاصة بعد قضاء الحاجة؛ هذا لأن كثيرًا من الناس لا يستعملون الماء في طهارتهم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول (أي لا يستبرئ ولا يتطهر)، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة" (رواه الجماعة)، ويكفينا أن نعلم أن أول باب من أبواب الفقه الإسلامي هو باب "الطهارة".
المصادر:
** كاتبة متخصصة في الشئون العلمية، حاصلة على ماجستير علم الحيوان، كلية العلوم – جامعة القاهرة، يمكنك التواصل معها عبر البريد الإلكتروني التالي: oloom@islamonline.net.
معلومات حلوة يا عاشق القمر ..
ردحذف